كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


<تنبيه> قال ابن القيم‏:‏ هذا الحديث ونحوه من الآثار يدل على أن الزائر متى جاء علم به المزور وسمع سلامه وأنس به ورد عليه قال‏:‏ وذا عام في حق الشهداء وغيرهم وأنه لا توقيت في ذلك قال‏:‏ وذا أصح من أثر الضحاك الدال على التوقيت وقد شرع المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لأمته أن يسلموا على أهل القبور سلام من يخاطبونه ممن يسمع ويعقل‏.‏

- ‏(‏خط وابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال ابن الجوزي‏:‏ حديث لا يصح وقد أجمعوا على تضعيف عبد الرحمن بن زيد أي أحد رواته وقال ابن حبان‏:‏ يقلب الأخبار ولا يعلم حتى كثر ذلك في روايته واستحق الترك اهـ وأفاد الحافظ العراقي أن ابن عبد البر خرجه في التمهيد والاستذكار بإسناد صحيح من حديث ابن عباس وممن صححه عبد الحق بلفظ ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام‏.‏

8063 - ‏(‏ما من عبد يصرع صرعة مرض إلا بعثه اللّه منها طاهراً‏)‏ لأن المرض تمحيص للذنوب والمؤمن متلوث بالشهوات متوسخ بالخطيئات فإذا أسقمه اللّه طهره وصفاه كالفضة تلقى في كيرها فبنفخه يزول خبثها وصفو دنسها فتصلح للضرب‏.‏ وظاهره الشمول لجميع الذنوب لكن خصه الجمهور بالصغائر لاشتراطه اجتناب الكبائر في الخبر المار فحملوا المطلقات الواردة في التكفير على هذا القيد قال ابن حجر‏:‏ ويحتمل أن معنى الأحاديث المؤذنة بالتعميم أن ذلك صالح لتكفير الذنوب فيكفر به ما شاء من الذنوب مما يكون كثرة التكفير وقلته باعتبار شدة المرض وخفته ثم المراد ‏[‏ص 488‏]‏ بتكفير الذنب ستره أو محو أثره المترتب عليه من استحقاق العقوبة‏.‏

- ‏(‏طب والضياء‏)‏ المقدسي وكذا ابن أبي الدنيا ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ قال المنذري‏:‏ رواته ثقات، وقال الهيثمي‏:‏ فيه سالم بن عبد اللّه البخاري الشامي لم أجد من ذكره وبقية رجاله ثقات‏.‏

8064 - ‏(‏ما من عبد يسترعيه اللّه رعية‏)‏ أي يفوض إليه رعاية رعية وهي بمعنى المرعية بأن ينصبه إلى القيام بمصالحهم ويعطيه زمام أمورهم والراعي الحافظ المؤتمن على ما يليه من الرعاية وهي الحفظ ‏(‏يموت‏)‏ خبر ما ‏(‏يوم يموت‏)‏ الظرف مقدم على عامله ‏(‏وهو غاش‏)‏ أي خائن ‏(‏لرعيته‏)‏ المراد يوم يموت وقت إزهاق روحه وما قبله من حالة لا تقبل فيها التوبة لأن النائب من خيانته تقصيره لا يستحق هذا الوعيد ‏(‏إلا حرم اللّه عليه الجنة‏)‏ أي إن استحل أو المراد يمنعه من دخوله مع السابقين الأولين وأفاد التحذير من غش الرعية لمن قلد شيئاً من أمرهم فإذا لم ينصح فيما قلد أو أهمل فلم يقم بإقامة الحدود واستخلاص الحقوق وحماية البيضة ومجاهدة العدو وحفظ الشريعة ورد المبتدعة والخوارج فهو داخل في هذا الوعيد الشديد المفيد لكون ذلك من أكبر الكبائر المبعدة عن الجنة، وأفاد بقوله يوم يموت أن التوبة قبل حالة الموت مفيدة‏.‏

- ‏(‏ق عن معقل بن يسار‏)‏ وسببه أن ابن زياد عاد معقلاً في مرضه فقال معقل إني محدثك حديثاً لو علمت أن لي حياة ما حدثتكه سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره‏.‏

8065 - ‏(‏ما من عبد يخطب خطبة إلا اللّه سائله عنها‏)‏ قال الراوي أظنه قال ‏(‏ما أراد بها‏)‏ تمامه في الشعب قال جعفر بن سليمان‏:‏ كان مالك إذا حدثنا بهذا الحديث بكى حتى ينقطع ثم يقول تحسبون أن عيني تقر بكلامي عليكم وأنا أعلم أن اللّه سائلي عنه يوم القيامة ما أردت به‏.‏

- ‏(‏هب‏)‏ وكذا ابن أبي الدنيا ‏(‏عن الحسن‏)‏ البصري ‏(‏مرسلاً‏)‏ قال المنذري‏:‏ إسناده جيد اهـ‏.‏ لكن فيه جعفر بن سليمان‏.‏ قال الذهبي‏:‏ ضعفه القطان ووثقه جمع‏.‏

8066 - ‏(‏ما من عبد يخطو خطوة إلا سئل عنها يوم القيامة ما أراد بها‏)‏ من خير أو شر ويعامل بقضية نيته‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ من حديث محمد بن صبيح السماك عن الأعمش عن شقيق ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ وقال‏:‏ غريب وشقيق إن كان الضبى فخارجي أو الأسدي أو حيان فمجهول، ذكره الذهبي‏.‏

8067 - ‏(‏ما من عبد مسلم إلا وله بابان في السماء‏:‏ باب ينزل منه رزقه وباب يدخل فيه عمله وكلامه فإذا فقداه بكيا عليه‏)‏ أي لفراقه لأنه انقطع خيره منهما بخلاف الكافر فإنهما يتأذيان بشره فلا يبكيان عليه فذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فما بكت عليهم السماء والأرض‏}‏ وهذا تعريض للمؤمنين ببكائهم عليه‏.‏ قال في الكشاف‏:‏ وذلك على سبيل التمثيل والتخييل مبالغة في وجوب الجزع عليه اهـ‏.‏ وأقول‏:‏ لا مانع من الحمل على الحقيقة فقد أخرج ابن سعد في ترجمة شيث بن ربعي عن الأعمش قال‏:‏ شهدت جنازة شيث فأقاموا العبيد على حدة والجواري على حدة والخيل على حدة والبخت على حدة والنوق على حدة ـ وذكر الأصناف ـ قال‏:‏ ورأيتهم ينوحون عليه ويلتزمون قبره‏.‏

- ‏(‏ع حل عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف اهـ‏.‏ وقال أبو نعيم‏:‏ لا أعرفه مرفوعاً إلا من حديث يزيد الرقاشي ‏[‏ص 489‏]‏ وعنه موسى بن عبيدة وظاهر صنيعه أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته وتلى هذه الآية ‏{‏فما بكت عليهم السماء والأرض‏}‏ فذكر أنهم لم يكونوا يعملون على الأرض عملاً صالحاً يبكى عليهم ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا عملهم كلام طيب ولا عمل صالح فيفقدهم فيبكى عليهم اهـ‏.‏

8068 - ‏(‏ما من عبد من أمتي يصلي عليَّ صلاة صادقاً بها‏)‏ من قلبه، وفي رواية بدله مخلصاً من قلبه، وقوله صادقاً حال وقوله من قلبه صفة لصادقاً لأن الصدق قد لا يكون عن قلب أي اعتقاد كقول المنافق ‏(‏من قبل نفسه إلا صلى اللّه تعالى عليه بها عشر صلوات وكتب له بها عشر حسنات ومحا عنه بها عشر سيئات‏)‏ هذا صريح في حصول الأمور الثلاثة معاً الصلاة عليه وكتابة الحسنات ورفع الدرجات‏.‏

- ‏(‏حل عن سعيد بن عمير الأنصاري‏)‏ الصحابي وكان بدرياً ثم قال أبو نعيم‏:‏ لا أسلم رواه بهذا اللفظ إلا سعد بن أبي سعيد الثعلبي‏.‏

8069 - ‏(‏ما من عبد يبيع‏)‏ وفي رواية للعسكري باع ‏(‏تالداً‏)‏ أي مالاً قديماً والطارف ضده ‏(‏إلا سلط اللّه عليه تالفاً‏)‏ قال العسكري‏:‏ التالد ما ورثه عن آبائه والتالف ما يتلف ثمنه وفي رواية لأحمد من باع عقرة مال سلط اللّه عليه تالفاً يتلفها‏.‏

- ‏(‏طب عن عمران‏)‏ بن الحصين قال الهيثمي‏:‏ فيه بشير بن شريح وهو ضعيف ورواه عنه أيضاً الديلمي‏.‏

8070 - ‏(‏ما من عبد كانت له نية في أداء دينه إلا كان له من اللّه عون‏)‏ على أدائه وفي رواية لأحمد إلا كان معه من اللّه عون وحافظ وفي رواية من كان عليه دين همه قضاؤه أو هم بقضائه لم يزل معه من اللّه حارس‏.‏ رواه كله أحمد، وفي رواية كان له من اللّه عون وسبب له رزقاً‏.‏

- ‏(‏حم ك‏)‏ في البيع ‏(‏عن عائشة‏)‏ قال ابن القاسم‏:‏ كانت عائشة تدان فقيل لها ما لك والدين وليس عندك قضاء قالت‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكرته ثم قالت وأنا ألتمس ذلك العون قال الحاكم‏:‏ صحيح ورده الذهبي بأن فيه محمد بن عبد بن المحبر وابن المحبر وهاه أبو زرعة وقال مسلم‏:‏ متروك لكن وثقه أحمد وقال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد‏:‏ رجال أحمد رجال الصحيح إلا أن محمد بن علي بن الحسين لم يسمع من عائشة‏.‏

8071 - ‏(‏ما من عبد يريد أن يرتفع في الدنيا فارتفع إلا وضعه اللّه في الآخرة درجة أكبر منها وأطول‏)‏ تمامه عند الطبراني ثم قرأ ‏{‏وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً‏}‏‏.‏

- ‏(‏طب حل عن سلمان‏)‏ الفارسي قال الهيثمي‏:‏ فيه أبو الصباح عبد الغفور الأنصاري وهو متروك‏.‏

8072 - ‏(‏ما من عبد ولا أمة يستغفر اللّه في كل يوم سبعين مرة إلا غفر اللّه له سبع مئة ذنب وقد خاب عبد أو أمة عمل في اليوم والليلة أكثر من سبع مئة ذنب‏)‏ وذلك لأن كل مرة من الاستغفار حسنة والحسنة بعشرة أمثالها فيكون سبع مئة حسنة في مقابلة سبعين سيئة فتكفرها والظاهر أن السبعين مثال فالمئة بألف على هذا المنوال‏.‏

<تنبيه> قال ‏[‏ص 490‏]‏ الغزالي‏:‏ قد يتعلق بهذا الحديث ونحوه بعض البطلة ويقول إنه كريم رحيم وله خزائن السماوات والأرض وهو قادر على أن يفيض على قلبي من العلوم ما أفاضه على قلوب الأنبياء من غير جهد وتكرار وتعلم وهو كقول من يريد مالاً فيترك التجارة والكسب ويتعطل وقال إنه تعالى له خزائن السماوات والأرض وهو قادر على أن يطلعني على كنز واستغنى‏.‏

- ‏(‏هب عن أنس‏)‏ بن مالك قال‏:‏ كنا مع النبي في مسيره فقال‏:‏ استغفروا فاستغفرنا فقال‏:‏ أتموها سبعين فأتممناها سبعين فذكره، قال ابن الجوزي‏:‏ حديث لا يصح والحسن بن جعفر أي أحد رواته قال السعدي‏:‏ واه والنسائي‏:‏ متروك‏.‏

8073 - ‏(‏ما من عبد يسجد‏)‏ في صلاته ‏(‏فيقول‏)‏ حال سجوده ‏(‏رب اغفر لي‏)‏ أي ذنوبي ويكرر ذلك ‏(‏ثلاث مرات إلا غفر له قبل أن يرفع رأسه‏)‏ من سجوده، والظاهر أن المراد الصغائر دون الكبائر كنظائره‏.‏

- ‏(‏طب عن والد أبي مالك الأشجعي‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ هذا من رواية محمد بن جابر عن أبي مالك هذا ولم أجد من ترجمهما‏.‏

8074 - ‏(‏ما من عبد يصلي علي إلا صلت عليه الملائكة ما دام يصلي علي فليقل العبد من ذلك أو ليكثر‏)‏ التخيير بين الإعلام بما فيه الخيرة في المخير فيه تحذير من التفريط في تحصيله فهو قريب من معنى التهديد‏.‏

- ‏(‏حم ه والضياء‏)‏ المقدسي في المختارة ‏(‏عن عامر بن ربيعة‏)‏ قال مغلطاي‏:‏ سند ابن ماجه ضعيف لضعف عاصم بن عبيد اللّه بن عاصم قال يحيى‏:‏ وابن سعيد لا يحتج به وقال البخاري‏:‏ منكر الحديث وقال ابن حبان‏:‏ كثير الوهم فاحش الخطايا اهـ‏.‏ ومن ثم جزم الحافظ العراقي بضعف الحديث‏.‏

8075 - ‏(‏ما من عبد مؤمن‏)‏ التنكير فيه للتعظيم أي كامل في إسلامه راض بقضاء ربه وبنبوة نبيه وبدين الإسلام ‏(‏يخرج من عينيه من الدموع مثل رأس الذباب من خشية اللّه تعالى‏)‏ أي من خوف جلاله وقهر سلطانه ‏(‏فيصيب حر وجهه فتمسه النار أبداً‏)‏ لأن خشيته من اللّه دلالة على علمه به ومحبته له ومن أحب اللّه أحبه اللّه، قال الحافظ العراقي‏:‏ وكل ما ورد من فضل البكاء من خشية اللّه فهو إظهار لفضيلة الخشية ‏{‏إنما يخشى اللّه من عباده العلماء‏}‏ وفي خبر أعلمكم باللّه أشدكم له خشية وقال أهل الكشف‏:‏ ما من عمل إلا له وزن وثواب إلا الدمعة فإنها تطفئ بحوراً من النار، وخرج ببكاء الخشية بكاء التفجيع فإنه يصدع الرأس ويضعف البصر وبكاء الجزع والهلع فإنه يورث الفترة والغفلة كما أن بكاء الخشية يزيل الفترة ويزيد الذلة‏.‏

- ‏(‏ه عن ابن مسعود‏)‏ ورواه عنه الطبراني والبيهقي قال الحافظ العراقي‏:‏ وسنده ضعيف‏.‏

8076 - ‏(‏ما من عبد ابتلي ببلية في الدنيا إلا بذنبه‏)‏ فكل عقاب يقع في الدنيا على أيدي الخلق فهو جزاء من اللّه إن كان أصحاب الغفلة ينسبونه إلى العوائد كما قالوا ‏{‏مس آباءنا الضراء والسراء‏}‏ ويضيفونه للمعتدي عليهم بزعمهم وإنما هو كما قال تعالى ‏{‏وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم‏}‏ ‏(‏واللّه أكرم وأعظم عفواً من أن يسأله عن ذلك الذنب يوم القيامة‏)‏ فالبلاء في الدنيا دليل إرادة اللّه الخير بعبده حيث عجل له عقوبته في الدنيا ولم يؤخره للآخرة التي عقوبتها دائمة فهذه ‏[‏ص 491‏]‏ نعمة يجب على العبد شكرها وفيه أن الحدود كفارة لأهلها واستشكل بخبر الحاكم لا أدري الحدود كفارة لأهلها أم لا وأجيب بأن حديث الباب أصح إسناداً وأن الحاكم لا يخفى أمره لتساهله في التصحيح‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي موسى‏)‏ الأشعري‏.‏

8077 - ‏(‏ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة‏)‏ أي الحين بعد الحين والساعة بعد الساعة يقال لقيته فينة والفينة وهو ما يتعاقب عليه التعريفان العلمي والكلامي ذكره الزمخشري قال‏:‏ وله ذنب صفة والواو مؤكدة ومحل الصفة مرفوع محمول على محل الجار والمجرور لأنك لا تقول ما من أحد في الدار إلا كريم كما لا تقول إلا عبد اللّه ولكنك ترفعهما على المحل ‏(‏أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه أبداً حتى يفارق الدنيا إن المؤمن خلق مفتناً‏)‏ بالتشديد أي ممتحناً يمتحنه اللّه بالبلاء والذنوب مرة بعد أخرى والمفتن الممتحن الذي فتن كثيراً ‏(‏تواباً نسياً إذا ذكر ذكر‏)‏ أي يتوب ثم ينسى فيعود ثم يتذكر فيتوب هكذا يقال فتنه يفتنه إذا امتحنه وقد كثر استعمالها فيما أخرجه الاختيار للمكروه ثم كثر حتى استعمل بمعنى الإثم والكفر ثم ذكره الطيبي‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا في الأوسط ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ أحد إسناد الكبير رجاله ثقات‏.‏

8078 - ‏(‏ما من عبد يظلم رجلاً مظلمة‏)‏ بتثليث اللام والكسر أشهر وأنكر ابن القوطية الفتح ‏(‏في الدنيا لا يقصه‏)‏ بضم التحتية وكسر القاف وصاد مهملة مشددة أي لا يمكنه من أخذ القصاص ‏(‏من نفسه‏)‏ بأن يفعل به مثل فعله ‏(‏إلا أقصه اللّه منه يوم القيامة‏)‏ بأن يفعل به مثل ما فعله وقد يشمله اللّه بعفوه ويعوض المستحق‏.‏

- ‏(‏هب عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال‏:‏ شتم رجل أبا بكر ورسول اله صلى اللّه عليه وسلم يعجب ويتبسم فلما أكثر رد عليه أبو بكر بعض قوله فغضب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقام فلحقه أبو بكر قال‏:‏ فإنه كان معك من يرد عنك فلما رددت عليه قعد الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان ثم ذكره قال الذهبي‏:‏ إسناده حسن‏.‏

8079 - ‏(‏ما من عبد إلا وله صيت في السماء‏)‏ أي ذكر وشهوة بحسن أو قبيح قال ابن حجر‏:‏ الصيت بكسر فسكون أصله الصوت كالريح من الروح والمراد به الذكر الجميل وربما قيل لضده لكن مقيداً ‏(‏فإن كان صيته في السماء حسناً وضع في الأرض‏)‏ ليستغفر له أهلها ويعاملوه بأنواع المهابة وصنوف الجلالة وينظروا إليه بعين الود ‏(‏وإن كان صيته في السماء سيئاً وضع في الأرض‏)‏ كذلك وأصل ذلك ومنبعه محبة اللّه للعبد أو عدمها فمن أحبه اللّه أحبه أهل مملكته ومن أبغضه أبغضه أهل مملكته ويؤخذ من ذلك أن محبة القلوب للعباد علامة على محبة اللّه والعكس بالعكس‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح‏.‏

8080 - ‏(‏ما من عبد استحى من الحلال‏)‏ أي من فعله أو إظهاره ‏(‏إلا ابتلاه اللّه بالحرام‏)‏ أي بفعله أو بإظهاره جزاء وفاقاً‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

‏[‏ص 492‏]‏ 8081 - ‏(‏ما من عثرة ولا اختلاج عرق ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم وما يغفر اللّه أكبر‏)‏ ‏{‏وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير‏}‏ فأوخذ بالقليل حتى يطهر ويعفو عن الكثير حتى يصغر فمن علامة العفو نزول البلاء فيمحص بما نزل ويعفو عما بقي‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن البراء‏)‏ بن عازب‏.‏

8082 - ‏(‏ما من غازية‏)‏ أي ما من جماعة غازية ‏(‏تغزو‏)‏ بالإفراد والتأنيث للفظ غازية والمراد الجيش الذي يخرج للجهاد في سبيل اللّه ‏(‏أو سرية‏)‏ هي قطعة من الجيش سميت به لأنها تسري في خفية من سرى يسري إذا سار ليلاً أو لأنها تسرى أي تختار من الجيش وجمع بينهما لينبه على إثبات الحكم للقليل والكثير منهم فلا ملجئ لجعله شكاً من بعض الرواة ‏(‏في سبيل اللّه فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم‏)‏ السلامة والغنيمة ‏(‏من الأجر ويبقى لهم الثلث‏)‏ ينالونه في الآخرة بمحاربتهم أعداء اللّه ‏(‏فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم‏)‏ والغزاة إذا سلموا وغنموا أجرهم أقل ممن لم يسلم ولم يغنم قال النووي‏:‏ هذا هو الصواب السالم عن المعارض ولا يعارضه خبر الشيخين إن المجاهد يرجع بما نال من أجر وغنيمة لأنه لم يتعرض لكون الغنيمة تنقص الأجر أو لا ولا قال أجره كأجر من لم يغنم بل أطاق فحمل على هذا المقيد‏.‏

<تنبيه> قال القونوي‏:‏ سر هذا الحديث أن مسمى الإنسان بالتعريف العام عبارة عن مجموع جسمه الطبيعي ونفسه الحيوية وروحه المجرد المدبر لهيكله فكل فعل يصدر منه من حيث جملته المذكورة فلكل واحد من هذه الثلاثة في ذلك الفعل دخل ونصيب فالمجاهد متى غنم وسلم فقد حصل نصيب صورته الطبيعية وهو ما ينتفع به من الغنيمة من مأكول وغيره وقد قارب نفسه الحيوانية أيضاً بما حصل لها من اللذة بالاستيلاء على العدو وقهره والتشفي والانتقام منه ونحو ذلك من حظوظ حيوانية فلم يبق له إلا ما محص روحه المفارق الممتاز عن بدنه في مقابلة إيمانه وصدق عزيمته وقصدته بما أقدم عليه من المشاق التي ارتكبها طلباً لرضى مولاه ورغبة في إعلاء كلمته وقهراً لأعدائه وامتثالاً لأمره فمتى سلم وغنم لم يحصل له من جهاده ما يصلح كونه نصيب روحه المجرد إلا ما يستحضره من صدق وعد الحق المخبر عنه وذلك أمر مستصحب لكل مؤمن صديق فوضح بذلك أن أجر المجاهدين ينقسم ثلاثثة أقسام وأن السالم الغانم تعجل ثلثي أجره أعني القسمين من الثلاثة وهما حظ طبيعته وحظ نفسه الحيوانية وبقي له حظ روحه المدخر له في الآخرة‏.‏ فتنبه للأسرار المودعة في الإشارات النبوية تعرف أنه صلى اللّه عليه وسلم ‏{‏ما ينطق عن الهوى‏}‏ وأن إشاراته مشتملة على مزيد العلوم ومن لم يطلعه اللّه عليها فليس من ورثته وإنما هو حافظ وناقل صور الأحكام دون معرفة المراد منها وضعها وما يتضمنه من الحكم‏.‏

- ‏(‏حم م ن ه‏)‏ كلهم في الجهاد ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص ولم يخرجه البخاري‏.‏

8083 - ‏(‏ما من قاض من قضاة المسلمين إلا ومعه ملكان يسددانه إلى الحق ما لم يرد غيره فإذا أراد غيره وجار متعمداً تبرأ منه الملكان ووكلاه‏)‏ بتخفيف الكاف ‏(‏إلى نفسه‏)‏‏.‏

- ‏(‏طب عن عمران‏)‏ بن الحصين، رمز المصنف لحسنه وهو زلل قال الهيثمي‏:‏ فيه أبو داود الأعمى وهو كذاب‏.‏

‏[‏ص 493‏]‏ 8084 - ‏(‏ما من قلب إلا وهو معلق بين أصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه‏)‏ قال الفخر الرازي‏:‏ هذا عبارة عن كونه مقهوراً محدوداً مقصوراً مغلوباً متناهياً وكلما كان كذلك امتنع أن يكون له إحاطة بما لا نهاية له ‏(‏والميزان بيد الرحمن يرفع أقواماً ويخفض آخرين إلى يوم القيامة‏)‏‏.‏

- ‏(‏حم ه ك‏)‏ في الدعاء ‏(‏عن النواس‏)‏ بفتح النون ابن سمعان قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي وظاهر صنيع المصنف حيث أفرد ابن ماجه بالعزو أنه لم يخرجه من الستة سواه وليس كذلك فقد خرجه النسائي في الكبرى عن عائشة قال الحافظ العراقي‏:‏ وسنده جيد‏.‏

8085 - ‏(‏ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي‏)‏ أي وهم ممن لم يعمل بها بل عمل بها غيرهم ‏(‏هم أعز‏)‏ أي أمنع ‏(‏وأكثر ممن يعمله ثم لم يغيروه إلا عمهم اللّه منه بعقاب‏)‏ لأن من لم يعمل إذا كانوا أكثر ممن يعمل كانوا قادرين على تغيير المنكر غالباً فتركهم له رضاً بالمحرمات وعمومها وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح ‏{‏فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم‏}‏‏.‏

- ‏(‏حم د ه حب عن جرير‏)‏ بن عبد اللّه ورواه البيهقي في الشعب عن الصديق‏.‏ قال الصديق‏:‏ قالت عائشة‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ عذب أهل قرية فيها ثمانية عشر ألفاً أعمالهم أعمال الأنبياء قيل‏:‏ يا رسول اللّه كيف قال‏:‏ لم يكونوا يعصون اللّه يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر قال الغزالي‏:‏ فكل من شاهد منكراً ولم ينكره فهو شريك فيه فالمستمع شريك المغتاب ويجري هذا في جميع المعاصي في مجالسة من يلبس الديباج ويتختم بذهب ويجلس على حرير وجلوس في دار أو حمام على حيطانها صور أو فيها أواني من ذهب أو فضة وجلوس بمسجد يسيء الصلاة فيه فلا يتمون الركوع والسجود أو بمجلس وعظ يجري به ذكر بدعة ومجلس مناظرة أو مجادلة يجري فيه الإيذاء والفحش ‏(‏حم د ه حب عن جرير‏)‏ بن عبد اللّه ورواه البيهقي في الشعب عن الصديق‏.‏

8086 - ‏(‏ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون اللّه تعالى فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار‏)‏ أي مثلها في النتن والقذارة والبشاعة لما صدر منهم من رديء الكلام ومذمومه شرعاً إذ المجلس الخالي من ذكر اللّه إنما يعمر بما ذكر ونحوه ‏{‏فماذا بعد الحق إلا الضلال‏}‏ فحيث لم يختموه بما يكفر لغطه قاموا عن ذلك ‏(‏وكان ذلك المجلس‏)‏ أي ما وقع فيه ‏(‏عليهم حسرة يوم القيامة‏)‏ أي ندامة لازمة لهم من سوء آثار كلامهم فيه، ولم يبين في هذا الحديث الذي يسن أن يقال عقبه وقد بين ذلك بفعله روى أبو داود والحاكم عن عائشة وغيرها أنه كان بآخرة من عمره إذا أراد أن يقوم من مجلس قال سبحانك اللّهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك فقال رجل‏:‏ إنك لتقول قولاً ما كنت تقوله فيما مضى قال‏:‏ ذلك كفارة لما يكون في المجلس‏.‏